فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

قال الشنقيطي:
قوله تعالى: {إِنَّ الإنسان لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} الآية، هذه الآية تدل على أنّ الإنسان شاهد على كنود نفسه أي مبالغته في الكفر، وقد جاءت آيات أخر تدل على خلاف ذلك كقوله تعالى: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} وقوله: {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}، وقوله: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}، والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه:
الأول: أنّ شهادة الإنسان بأنه كنود هي شهادة حالة بظهور كنوده، والحال ربما تكفي عن المقال.
الثاني: أن شهادته على نفسه بذلك يوم القيامة كما يدل له قوله: {وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ}، وقوله: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ}، وقوله: {بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}.
الوجه الثالث: أن الضمير في قوله: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} راجع إلى رب الإنسان المذكور في قوله: {إِنَّ الإنسان لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} وعليه فلا إشكال في الآية، ولكن رجوعه إلى الإنسان أظهر بدليل قوله: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} والعلم عند الله تعالى. اهـ.

.تفسير الآيات (9- 11):

قوله تعالى: {أَفَلَا يعلم إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان المال فانيًا لا ينبغي لعاقل أن يعلق أمله به فضلًا عن أن يؤثرة على الباقي، نبهه على ذلك بتهديد بليغ، فقال مسببًا عن ذلك معجبًا، موقفًا له على ما يؤول إليه أمره: {أفلا يعلم} أي هذا الإنسان الذي أنساه أنسه بنفسه.
ولما كان الحب أمرا قلبيًا، لا يطلع عليه إلا عالم الغيب، وكان البعث من عالم الغيب، وكان أمرا لابد منه، وكان المخوف مطلق كونه، لم يحتج إلى تعيين الفاعل، فبنى للمفعول قوله مهددًا مؤذنًا بأنه شديد القدرة على إثارة الخفايا، معلقا بما يقدره ما يؤول إليه أمره من أن الله يحاسبه ويجازيه على أعماله، وأنه لا ينفعه مال ولا غيره، ولا ينجيه إلا ما كان من أعماله موافقًا لأمر ربه مبنيا علي أساس الإيمان واقعًا بالإخلاص: {إذا بعثر} أي أثير بغاية السهولة وأخرج وفرق ونظر وفتش بغاية السهولة.
ولما كان الميت قبل البعث جمادًا، عبر عنه بأداة ما لا يعقل فقال: {ما في القبور} أي أخرج ما فيها من الموتى الذين تنكر العرب بعثهم فنشروا للحساب، أو من عظامهم ولحومهم وأعصابهم وجلودهم وجميع أجسامهم، وقلب بعضه على بعض حتى أعيد كل شيء منه على ما كان عليه، ثم أعيدت إليه الروح، فكان كل أحد على ما مات عليه.
ولما كان المخوف إنما هو ما يتأثر عن البعث من الجزاء على الأعمال الفاسدة قال: {وحصل} أي أخرج وميز وجمع فعرف أنه معلوم كله بغاية السهولة كما أشار البناء للمفعول {ما في الصدور} أي من خير أو شر مما يظن مضمره أنه لا يعلمه أحد أصلًا، وظهر مكتوبًا في صحائف الأعمال، وهذا يدل على أن النيات يحاسب بها كما يحاسب على ما يظهر من آثارها.
ولما كان علم ما في الصدور أمرا باهرًا للعقل، قال جامعًا نظرًا إلى المعنى لما عبر عنه بالإفراد بالنظر إلى اللفظ، لأن العلم بالكل يلازمه العلم بالبعض بخلاف العكس مؤكدًا إشارة إلى أنه مما لا يكاد يصدق، معللًا للجملة المحذوفة الدالة على الحساب: {إن ربهم} أي المحسن إليهم بخلقهم وزرقهم وتربيتهم وجعلهم أقوياء سويين {بهم} قدم هذا الجار والمجرور لا للاختصاص، بل للاشارة إلى نهاية الخبر.
ولما كانت الخبرة للإحاطة بالشيء ظاهرًا وباطنًا، وكان يلزم من الخبرة بالشيء بعد كونه بمدد طوال الخبرة به حال كونه من باب الأولى قال: {يومئذ} أي إذ كانت هذه الأمور وهو يوم القيامة {لخبير} أي محيط بهم من جميع الجهات عالم غاية العلم ببواطن أمورهم، فكيف بظواهرها جواهر وأعراضًا، أقوالًا وأفعالًا، خفية كانت أو ظاهرة، سرًا كانت أو علانية، خيرًا كانت أو شرًا، ومن المعلوم أن فيها الظلم وغيره، ومنهم المحسن وغيره، فلأجل علمه سبحانه بذلك غاية العلم يحاسبهم لئلا يقع ما ينافي الحكمة وهو أن تستوي الحسنة والسيئة، فالقصد بالقيد وتقديم الظرف الإبلاغ في التعريف بأنه سبحانه وتعالى محيط العلم بذلك كما إذا قيل لك: تعرف فلانًا؟ فقلت: ولا أعرف إلا هو، فإن قصدك بذلك أن معرفتك به في غاية الإتقان، لا نفي معرفة غيره، وفيه إشعار بأن كل أحد يعرف غاية المعرفة في ذلك اليوم أنه سبحانه وتعالى عالم بأحواله لا ذهول له عن شيء من ذلك كما يقع في هذه الدار من أن الإنسان يعمل أشياء كثيرة وهو غافل عن أن ربه سبحانه مطلع عليه فيها، ولو نبه لعلم، فلإحاطته سبحانه وتعالى بجميع أحوالهم كان عالمًا بأن الإنسان لربه لكنود، وقد رجع آخرها إلى أولها، وتكفل مفصلها بشرح مجملها- والله الهادي للصواب. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

واعلم أنه تعالى لما عد عليه قبائح أفعاله خوفه، فقال: {أَفَلَا يعلم إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9)} وفيه مسألتان:
المسألة الأولى:
القول في: {بُعْثِرَ} مضى في قوله تعالى: {وَإِذَا القبور بُعْثِرَتْ} [الانفطار: 4] وذكرنا أن معنى: {بُعْثِرَتْ} بعث وأثير وأخرج، وقرئ {بحثر}.
المسألة الثانية:
لقائل أن يسأل لم قال: {بُعْثِرَ مَا في القبور} ولم يقل: بعثر من في القبور؟ ثم إنه لما قال: {ما في القبور}، فلم قال: {إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ} ولم يقل: إن ربها بها يومئذ لخبير؟
الجواب عن السؤال الأول: هو أن ما في الأرض من غير المكلفين أكثر فأخرج الكلام على الأغلب، أو يقال: إنهم حال ما يبعثون لا يكونون أحياء عقلاء بل بعد البعث يصيرون كذلك، فلا جرم كان الضمير الأول ضمير غير العقلاء، والضمير الثاني ضمير العقلاء.
{وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10)}
قال أبو عبيدة، أي ميز ما في الصدور، وقال الليث: الحاصل من كل شيء ما بقي وثبت وذهب سواه، والتحصيل تمييز ما يحصل والاسم الحصيلة قال لبيد:
وكل امرئ يومًا سيعلم سعيه ** إذا حصلت عند الإله الحصائل

وفي التفسير وجوه:
أحدها: معنى حصل جمع في الصحف، أي أظهرت محصلًا مجموعًا.
وثانيها: أنه لابد من التمييز بين الواجب، والمندوب، والمباح، والمكروه، والمحظور، فإن لكل واحد ومنه قيل للمنخل: المحصل.
وثالثها: أن كثيرًا ما يكون باطن الإنسان بخلاف ظاهره، أما في يوم القيامة فإنه تتكشف الأسرار وتنتهك الأستار، ويظهر ما في البواطن، كما قال: {يَوْمٍ تبلى السرائر} [الطارق: 9].
واعلم أن حظ الوعظ منه أن يقال: إنك تستعد فيما لا فائدة لك فيه، فتبني المقبرة وتشتري التابوت، وتفصل الكفن، وتغزل العجوز الكفن، فيقال: هذا كله للديدان، فأين حظ الرحمن! بل المرأة إذا كانت حاملًا فإنها تعد للطفل ثيابًا، فإذا قلت لها: لا طفل لك فما هذا الاستعداد؟ فتقول: أليس يبعثر ما في بطني؟ فيقول الرب لك: ألا يبعثر ما في بطن الأرض، فأين الاستعداد، وقرئ {وحصل} بالفتح والتخفيف بمعنى ظهر.
{إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)} اعلم أن فيه سؤالات:
الأول:
أنه يوهم أن علمه بهم في ذلك اليوم إنما حصل بسبب الخبرة، وذلك يقتضي سبق الجهل وهو على الله تعالى محال: الجواب من وجهين.
أحدهما: كأنه تعالى يقول: إن من لم يكن عالمًا، فإنه يصير بسبب الاختبار عالمًا، فمن كان لم يزل عالمًا أن يكون خبيرًا بأحوالك!.
وثانيهما: أن فائدة تخصيص ذلك الوقت في قوله: {يَوْمَئِذٍ} مع كونه عالمًا لم يزل أنه وقت الجزاء، وتقريره لمن الملك كأنه يقول: لا حاكم يروج حكمه ولا عالم تروج فتواه يومئذ إلا هو، وكم عالم لا يعرف الجواب وقت الواقعة ثم يتذكره بعد ذلك، فكأنه تعالى يقول: لست كذلك.
السؤال الثاني:
لم خص أعمال القلوب بالذكر في قوله: {وَحُصّلَ مَا في الصدور} وأهمل ذكر أعمال الجوارح؟
الجواب: لأن أعمال الجوارح تابعة لأعمال القلب.
فإنه لولا البواعث والإرادات في القلوب لما حصلت أفعال الجوارح، ولذلك إنه تعالى جعلها الأصل في الذم، فقال: {آثم قَلْبُهُ} [البقرة: 283] والأصل في المدح، فقال: {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال: 2].
السؤال الثالث:
لم قال: {وَحُصّلَ مَا في الصدور} ولم يقل: وحصل ما في القلوب؟
الجواب: لأن القلب مطية الروح وهو بالطبع محب لمعرفة الله وخدمته، إنما المنازع في هذا الباب هو النفس ومحلها ما يقرب من الصدر، ولذلك قال: {يُوَسْوِسُ في صُدُورِ الناس} [الناس: 5] وقال: {أَفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ للإسلام} [الزمر: 22] فجعل الصدر موضعًا للإسلام.
السؤال الرابع:
الضمير في قوله: {إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ} عائد إلى الإنسان وهو واحد والجواب: الإنسان في معنى الجمع كقوله تعالى: {إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 2] ثم قال: {إِلاَّ الذين ءامَنُواْ} [العصر: 3] ولولا أنه للجمع وإلا لما صح ذلك.
واعلم أنه بقي من مباحث هذه الآية مسألتان:
المسألة الأولى:
هذه الآية تدل على كونه تعالى عالمًا بالجزئيات الزمانيات، لأنه تعالى نص على كونه عالمًا بكيفية أحوالهم في ذلك اليوم فيكون منكره كافرًا.
المسألة الثانية:
نقل أن الحجاج سبق على لسانه أن بالنصب، فأسقط اللام من قوله: {لَّخَبِيرٌ} حتى لا يكون الكلام لحنًا، وهذا يذكر في تقرير فصاحته، فزعم بعض المشايخ أن هذا كفر لأنه قصد لتغيير المنزل.
ونقل عن أبي السماءل أنه قرأ علي هذا الوجه، والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {أَفَلاَ يعلم} أي ابن آدم {إِذَا بُعْثِرَ} أي أثير وقُلِب وبُحِث، فأُخرج ما فيها.
قال أبو عبيدة: بَعْثَرْتُ المتاع: جعلت أسفلهُ أعلاه.
وعن محمد بن كعب قال: ذلك حين يُبْعَثون.
الفرّاء: سمعت بعض أعراب بني أسد يقرأ: {بُحْثِر} بالحاء مكان العين؛ وحكاه الماورديّ عن ابن مسعود، وهما بمعنى.
{وَحُصِّلَ مَا فِي الصدور} أي مُيز ما فيها من خير وشر؛ كذا قال المفسرون.
وقال ابن عباس: أُبرِز.
وقرأ عبيد بن عمير وسعيد بن جُبير ويحيى بن يعمُر ونصر بن عاصم {وحَصَل} بفتح الحاء وتخفيف الصاد وفتحها؛ أي ظهر.
{إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ} أي عالم لا يخفى عليه منهم خافية.
وهو عالم بهم في ذلك اليوم وفي غيره، ولكن المعنى أنه يجازيهم في ذلك اليوم.
وقوله: {إِذَا بُعْثِرَ} العامل في {إذا}: {بُعْثِر}، ولا يعمل فيه {يعلم}؛ إذ لا يراد به العلم من الإنسان ذلك الوقت، إنما يراد في الدنيا.
ولا يعمل فيه {خَبِيرٌ}؛ لأن ما بعد {إنّ} لا يعمل فيما قبلها.
والعامل في {يَوْمَئِذٍ}: {خَبِيرٌ}، وإن فصلت اللام بينهما؛ لأن موضع اللام الابتداء.
وإنما دخلت في الخبر لدخول {إِنّ} على المبتدأ.
ويروى أن الحجاج قرأ هذه السورة على المنبر يحضهم على الغزو، فجرى على لسانه: {أَنَّ ربهم} بفتح الألف، ثم استدركها فقال: {خَبير} بغير لام.
ولولا اللام لكانت مفتوحة، لوقوع العلم عليها.
وقرأ أبو السَّمَّال {أَنَّ رَبَّهمْ بِهِمْ يَوْمئِذٍ خَبِيرٌ}.
والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ.

.قال الألوسي:

{أَفَلاَ يعلم إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي…} الخ.
تهديد ووعيد والهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام ومفعول يعلم محذوف وهو العامل في إذا وهي ظرفية أي أيفعل ما يفعل من القبائح أو ألا يلاحظ فلا يعلم الآن مآله إذا بعثر من في القبور من الموتى وإيراد ما لكونهم إذ ذاك بمعزل من رتبة العقلاء وقال الحوفي العامل في إذا الظرفية يعلم وأورد عليه أنه لا يراد منه العلم في ذلك الوقت بل العلم في الدنيا وأجيب بأن هذا إنما يرد إذا كان ضمير يعلم راجعًا إلى الإنسان وذلك غير لازم على هذا القول لجواز أن يرجع إليه عز وجل ويكون مفعولًا يعلم محذوفين والتقدير أفلا يعلمهم الله تعالى عاملين بما عملوا إذا بعثر على أن يكون العلم كناية عن المجازاة والمعنى أفلا يجازيهم إذا بعثر ويكون الجملة المؤكدة بعد تحقيقًا وتقرير لهذا المعنى وهو كما ترى وقيل إن إذا مفعول به ليعلم على معنى أفلا يعلم ذلك الوقت ويعرف تحققه وقل إن العامل فيها بعثر بناء على أنها شرطية غير مضافة قالوا ولم يجوز أن يعمل فيها {لخبير} لأن ما بعد إن لا يعمل فيما قبلها وأوجه الأوجه ما قدمناه وتعدى العلم إذا كان بمعنى المعرفة لواحد شائع وتقدم تحقيق معنى البعثرة فتذكر.
وقرأ عبد الله {بحثر} بالحاء والثاء المثلثة.
وقرأ الأسود بن زيد بحث بهما بدون راء.
وقرأ نصر بن عاصم {بحثر} كقراءة عبد الله لكن بالبناء للفاعل.
{وَحُصّلَ مَا في الصدور} أي جمع ما في القلوب من العزائم المصممة وأظهر كإظهار اللب من القشر وجمعه أو ميز خيره من شره فقد استعمل حصل الشيء بمعنى ميزه من غيره كما في البحر وأصل التحصيل إخراج اللب من القشر كإخراج الذهب من حجر المعدن والبر من التبن وتخصيص ما في القلوب لأنه الأصل لأعمال الجوارح ولذا كانت الأعمال بالنيات وكان أول الفكر آخر العمل فجميع ما عمل تابع له فيدل على الجميع صريحًا وكناية.
وقرأ ابن يعمر ونصر بن عاصم ومحمد بن أبي معدان {وحصل} مبنيًا للفاعل وهو ضميره عز وجل.
وقرأ ابن يعمر ونصر أيضًا {حصل} مبنيًا للفاعل خفيف الصاد فما عليه هو الفاعل.
{إِنَّ رَبَّهُم} أي المبعوثين كنى عنهم بعد الإحياء الثاني بضمير العقلاء بعدما عبر عنهم قبل ذلك بما بناء على تفاوتهم في الحالين {بِهِمُ} بذواتهم وصفاتهم وأحوالهم بتفاصيلها {يَوْمَئِذٍ} أي يوم إذ يكون ما عد من بعث ما في القبور وتحصيل ما في الصدور والظرفان متعلقان بقوله تعالى: {لَّخَبِيرٌ} أي عالم بظواهر ما عملوا وبواطنه علمًا موجبًا للجزاء متصلًا به كما يبنئ عنه تقييده بذلك اليوم وإلا فمطلق علمه عز وجل بما كان وما سيكون.
وقرأ أبو السماء والحجاج {أن ربهم بهم يومئذ خبير} بفتح همزة أن وإسقاط لام التأكيد فإن وما بعدها في تأويل مصدر معمول ليعلم على ما استظهره بعضهم وأيد به كون يعلم معلقة عن العلم في {إِنَّ رَبَّهُم} إلخ على قراءة الجمهور لمكان اللام وإذا على هذا لا يجوز تعلقها بخبير أيضًا لكونه في صلة إن المصدرية فلا يتقدم معموله عليها ويعلم أمره مما تقدم وقيل الكلام على تقدير لام التعليل وهي متعلقة بـ: {حصل} كأنه قيل وحصل ما في الصدور لأن ربهم بهم يومئذ خبير والأول أظهر والله تعالى أعلم وأخبر. اهـ.